أن المتفكر في مخلوقات الله .
يجد أن الله كرم أبن أدام بالعقل عن سائر المخلوقات .
ليتفكر و ليستنتج و ليتجنب كل ما يؤدي به إلى الهلاك و الهاوية .
و مع هذا الإنعام إلا أنك تجد من ينسلخ من خلقه و شخصيته ليصبح كائناً ذليلا لفكر غيره .
و يفرط بأعظم نعمة ميزه الله بها .
ألا و هي نعمة العقل البشري .
و لقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في عدة مواضع منها :
( إتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله ) .
و قوله ( قالوا أجئتنا لنعبد الله و نذر ما كان يعبد أباؤنا ) .
و لقد دعاء الله في كتابه لإستعمال العقل و التفكر و التدبر في مواضع عديدة منها على سبيل الذكر لا الحصر .
( و يتفكرون في خلق السموات و الأرض )
( أفلا يتفكرون )
( فأعتبروا يا أولي الألباب )
و من هنا نستنتج أن العبودية تنقسم إلى نوعان :
أولهما : العبودية اللا إرادية .
و هي التي يكون فيها الشخص مجبرا على الإتباع الفكري لظرف خارج عن الإرادة .
رغم رفضه الداخلي لهذا الإتباع شكلاً و مضمونا .
و تكون في الغالب مؤقته رغم خطورتها في بعض الأحيان .
و يعتمد زوالها على زوال الظرف .
ثانيهما : العبودية الإرادية .
و هي التي يتلذذ فيها الشخص لتسليم قواه العقلية لغيره دون الرجوع إليها .
و تعتبر هذه من الصفات ألا بشرية التي يعتمد فيها الشخص على عقل غيره دون تفكر أو تدبر أو تمحيص .
لتجد فئة تكتب أو تتحدث عن القيم و الأخلاق و المبادئ .
و بالمقابل تقوم بفعل مغاير نتيجة سيطرة العادات السلبية و التقاليد عليه .
لتنتهج بذلك سياسة القطيع و التبعية النابعة من الخوف من الإنتقاد أو الشذوذ .
و لتجد أن أصحاب العقول المستعبدة لا يفضلون النقاش و لا يتقبلون النقد .
بل تجدهم مخلصين في العمل قولاً و فعلاً دون تفكر أو تحكيم قرآن أو سنة .
فلا ظير من الخطأ إذا وجد الإعتذار و التصحيح .
و لنكن متعاونين كما في الأية .
( و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الأثم و العدوان ) .
و من هذا المنبر أوجه دعوة لي و لكم أن نتفكر و نتعلم و نقراء ما يفيدنا .
و أن نستعمل عقولنا كما أمرنا الله .
كتبه / ناصر خميس الثويني ..